المقاطعة و المقاطعة ! ... /محمد محمود حبرز

ظاهره حشو، وباطنه جناس...إنه الجناس التام ياسادة، وجلكم -إن لم يكن كلكم- تدرون قيمته اللغوية ومايصنع من جمال اللغة ومايعطي من عذب رنات النص على مسامع المتلقي وعينيه.
لكن مايسرد منه على صفحات أرضنا الطيبة، جغرافيا مال الحبيب، وما يسلط و يسطر من تاريخ -سياسي إداري- مؤلم بجناس تام، ويبيت بليل مظلم، ينسينا جمال الجناس اللغوي في شكله، ويذقنا مرارة المضمون.
مركز مال الإداري -بيت القصيد- هو ثاني اكبر مركز اداري على مستوى الوطن، بتعداد سكاني يزيد على 50 ألف نسمة، ناهيك عن المساحة الجغرافية الشاسعة، وماتزخر به من مقدرات إقتصادية هائلة، يغني عن سردها ذكر "بحيرة مال"، وما أدراك ما بحيرة مال...
إضافة إلى ماينعم به المركز من مقدرات تنموية وزراعية فذة، تساهم وبشكل جذري في إقتصاد الوطن، بل إن أعتني بها قد تشكل بوابة طفرة نوعية في إقتصاد الوطن ولا أبالغ، إضافة إلى كل ذلك يتمتع المركز بثروة بشرية نوعية الكم والكيف، من "عسكريين" -ونحن بدولة العسكر- ودكاترة في شتى المجالات (الصحة، التعليم، القانون، الزراعة، الإقتصاد والمالية، الإدارة، المعلوماتية، وغيرها من علوم العصر، ناهيك عن علوم الشريعة والفقه والمتون).
أما مزان السلطة الأهم، وعملتهم التي بها يتعاملون، ومعيارهم الأول والأخير" الخزان الإنتخابي"، فلمركز مال منه اكبر احتياطي بالبنك السياسي المقاطعي، ناهيك عن الصندوق السيادي الإنتخالي "المالي" -نسبة لمال المركز وليس للمال- ومايمثل من تحكم في البرصة الجهوية، وقيمة العملة الإنتخابية البركنية.
قديما كان "مال 100% والتصويت لمعاوية" (رحم الله الحجاج ما أعدله).
أما حديثا، وفي آخر انتخابات رئاسية قبل أيام، كان عدد المسجلين على مستوى مركز مال الإداري حوالي 17 ألف ناخب، وفي حدود 18 ألف ناخب في الإنتخابات المحلية والجهوية قبل اشهر.
أما عن مرشح السلطة، الرئيس المنتخب، كان نصيبه بمال نصيب الأسد، ونصيب مال من نصيبه الجهوي نصيب سيد الغابة.
مثلا باالأرقام (للتذكير مركز مال يضم بلدية مال وبلدية جلوار):
النتائج التي حصل عليها الرئيس المنتخب
في بلدية ألاك المركزية (مقاطعة) 3370 صوت.
بلدية مقطع لحجار المركزية (مقاطعة) 4679 صوت
بلدية مال المركزية (مركز اداري) 5605 صوت.
مالكم كيف تحكمون ؟!!!
حين طالب سكان مركز مال الإداري "بالمقاطعة" في التقسيم الإداري، كان رد السلطات المتعاقبة واضحا وهو "المقاطعة" الإقتصادية والتهميش السياسي والحرمان والإقصاء على مستوى التعينات، ناهيك عن التوظيف وتوفير الخدمات.
لايوجد اليوم على مستوى المركز مشروع تنموي بحجم يذكر، على عكس الماضي (التسعينيات وبداية الألفية الأخيرة) حيث كانت توجد مشاريع تساهم في حياة المواطن واحتياجاته اليومية كمشروع "التمزة" الذي استفاد منه الكثيرون، خاصة على مستوى البدو الرحل، كذا بنك الحبوب، ومصنع اللبن، ومستودعات الغاز، ناهيك عن دعم التعاونيات -خاصة منها النسوية- وكذا التدخلات المعتبرة على مستوى التنمية والزراعة...
أما اليوم فلا يوجد مشروع واحد يمس من واقع المواطن إن استثنينا دكان أمل (الوحيد مثلا على مستوى مال، إذ يكتظ الطابور بممثلي القرى، وليس بسكان المدينة كما ينبغي ان يكون).
صحيح أن المركز استفاد من مشاريع على مستوى البنية التحتية، من أهمها طريق مال-الصواطة الذي ساهم في فك العزلة، وكذا "أشباه" مشاريع كان من شأنها ان تحسن من معيشة المواطن وتوفر له ضروريات الحياة اليومية، لو نفذت بالشكل المطلوب وهو مالم يكون، بل زادت اعباءا على ماسبقيها من اعباء، كمشروع "ول بوكصيص" الذي كان من شأنه ان يزود المدينة بماء صالح للشروب، لكن السكان وبسببه صاروا يعتادون عادة البدو في العصور الحجرية والوسطى (القب) اكرمكم الله.
أما مشروع الكهرباء، فيكفي عنه وصفا أن الداخل إلى مدينة مال ليلا لا يلاحظ أبدا أنها مزودة باالكهرباء، أما النهار الانقطاع المتكرر يشكل الهاجس الأكبر لأصحاب المحلات والمنازل خوفا على اجهزتهم من الإتلاف.
أما على مستوى الصحة فماضيها القريب أسوأ من ان يذكر، في انتظار مستوصف شيدت منشأته -حجراته- منذ سنتين دون تدشين، أما عن طاقمه ومعداته فالله تعالى هو القاهر فوق عباده، في انتظار مستقبل نرجو ان يكون قريبا وافضل.
بمقارنة بسيطة بين الحاضر والماضي القريب، نجد ان مطالبة سكان مركز مال الإداري "بالمقاطعة" كان ذنبا جزاءه المقاطعة والتهميش والحرمان.
أين الذنب ؟ وكيف نتوب ؟!
بمراعاة الأرقام على مستوى التعداد السكاني، والحيز الجفرافي، والموقع الحيوي المتميز، والمقدرات الهائلة، والتضحيات السياسية الجسام، نستخلص أنه حتما هناك عاملا وبحجم أكبر من أن يظل مخفي، يشكل عائقا أمام مطلب "مقاطعة مال"، فياترى ماهو ذاك العامل ؟!!
هنيئا لمن فك اللغز.

---كامل الود---