موريتانيا إلى متى؟/الباحث.الصديق ولد متالي

بعد أن بلغت مخصصاتها لميزانية (2023م) ما مجموعه (454 883 000 102) أوقية جديدة، أي أزيد على اترليون أوقية قديمة، لأول مرة في تاريخ البلد ، و إنفاق تجاوز 20% مع نهاية الشهر الجاري (19\مايو2023م)
لم ينفذ بشكل فعلي من برنامج الأولويات والالتزامات التي تعهدت بها الحكومة الحالية منذ بداية الجائحة (كوفيد 19) شيئا معتبرا، ولم تنعكس الزيادة الكبيرة في ميزانية الدولة على النشاط الاقتصادي في البلد حيث بلغت نسبة التضخم خلال السنتين الماضيتين 11.1%  و الهشاشة و البطالة و الانفلات الأمني ضعف ما كان عليه الوضع قبل حكم هذا النظام الذي ارتفع مع مأموريته رصيد دين الدولة الخارجي من (3614) مليون دولار أمريكي في سنة (2018م) إلى (4496,5) مليون دولار أمريكي في نهاية سنة (2021م) .
و بالرغم من الزيادات المرتفعة في سعر خام الحديد من حين لآخر خلال السنوات الأخيرة و عقود الغاز المفترض دخوله السوق العالمي مع نهاية هذه السنة و صفقات الصيد البحري والتنقيب المعدني و الاستثمارات التي ضخت الدولة فيها عشرات المليارات -على سبيل الذكر منها لا الحصر؛ قطاع الاستصلاح الترابي الذي بلغت حصته ( 53) مليار أوقية قديمة - لم يزل معدل نمو الناتج المحلي يسير ببطء ، وزاد من تباطئه رفع قيمة الدعم عن المحروقات التي يعتمد عليها مؤشر ارتفاع وانخفاض سعر المواد الغذائية و النقل ...
و لم تزل الطرق الرابطة بين المدن متهالكة و الكهرباء و الماء في انقطاع متواصل و التسرب المدرسي في ازدياد و البطالة و الفقر في ارتفاع ...
فما هي عوامل و مسببات تراجع النمو الاقتصادي و الانفلات الأمني و ارتفاع مؤشرات البطالة والفقر والفساد و الأمية في البلد خلال حكم هذا النظام ؟
ينحدر الرئيس الحالي لموريتانيا محمد ولد الشيخ محمد أحمد الغزواني من أسرة متصوفة لها علاقات اجتماعية جعلت من الرجل التقليدي أسير الإملاءات المحيطة به حيث كان ولد احويرثي صديق الأسرة مدير ديوانه السابق و السيدة الأولى مريم منت الداه و أختها الفراشة الحديدية كما تسمى و محمد الأمين .. يده اليمنى لانتقاء الأشخاص للمناصب الرفيعة ونزع البساط من تحت آخرين في الدولة مع أقلية أخرى أعادت تشكيل البنى القيادية للبلد وفق ما كان عليه قبل عقود (النظام العشائري و التحكم الأسري في مقاليد السلطة ) .
إن وهن الكادر البشري المتحكم و نظرته الرديكالية للإدارة و بلوغه مرحلة الشيخوخة في الفساد والنهب و استغلاله السلطة لتحقيق مساعيه الشخصية أمور من ضمن أخرى ساهمت في تردي الوضع الحالي للبلد و انتكاسته على شتى الأصعدة؛
كمخصصات التعليم العالي و البحث العلمي التي لم تتجاوز 1% من إجمالي الميزانية السنوية (2023م)
و مخصصات العدل و السجون ورواتب الجيش و التعليم و الصحة .
و ليس مستغربا ما نشاهد اليوم من هجرات ألوف الشباب خلال هذا العام عن رحم وطنهم الأم و مفارقة الأهل و الأحبة بحثا عن استقرار لا رفاه بسبب تكريس سياسة لم تعد ملائمة لجيل ينقم على واقع لا يرحمه محملا بثقل المسؤولية و مهمش على يد ثلة نافذة تعفنت في إدارات مؤسسات الدولة منذ ازيد على خمسة عقود، و لكن أكثر الشباب بسبب ظروفهم المادية لم يبرحوا وطنهم بعد رغم ما هم فيه من تعاسة داخله و هو أمر ينبغي تلافيه قبل انفجاره و عدم القدرة على السيطرة عليه
فما تخلل الانتخابات التشريعية الأخيرة من تزوير وفوضى عارمة بلغت متطلبات تهدئتها حد استعمال الرصاص الحي في بعض المناطق و التهديد بالسلاح الأبيض وتخريب المساكن في أخرى، أمور تستدعي وضع استراتيجة تغيير عاجلة و محكمة .
فهل إلى حل من سبيل ؟ ... يتواصل .