مشاركة نساء مقاطعة مال في الحياة السياسية دون المستوى المطلوب/د.محمد محمود بن أعمر

تلعب الأحزاب السياسية دوراً محورياً في المجتمعات الديمقراطية الحديثة، فهي تنقل المطالب المجتمعية وإحتياجات المواطنين وتقدمهم في صورة سياسات على المستوى الوطني، كما تلعب دوراً هاماً في تأهيل وتدريب الكوادر السياسية لخوض الانتخابات المختلفة في البلد، حيث تطورت مشاركة النساء بالأحزاب السياسية بوتيرة متفاوتة داخل البلد، غير أنها تسير في بطء على مستوى مقاطعة مال الفتية بولاية لبراكنة بشكل خاص. وعلى الرغم من إختلاف السياقات لكل منطقة، نستطيع أن نجد أوجه التشابه في أوضاع النساء بالأحزاب السياسية داخل الوطن.
إن التمكين السياسي للنساء المقاطعيات يجب التعامل معه وفق مقاربة حقوقية شاملة ومتكاملة قائمة على قواعد العدالة والإنصاف، وتجعل من إدماجهن بشكل مباشر في العملية الإنتخابية عبر إتخاذ مبادرات جريئة في هذا الصدد، تمكن هذه الفئة العريضة من المجتمع من التمثيل الحقيقي الذي يوازي قوتهن الديموغرافية والإجتماعية والإقتصادية و الفكرية، الأمر الذي يتطلب إرساء قنوات وآليات مؤسساتية وتدابير قانونية لمواجهة الحيف الذي يطالهن.
إن الأحزاب السياسية تتحمل مسؤولية كبيرة في إنجاح آليات التمييز الإيجابي من خلال طبيعة إختياراتها ومعايير التزكية، ولا ينبغي إعتبار نظام الحصص المدخل الوحيد لرفع التمثيلية السياسية للنساء، بل لابد من التفكير في آليات ومبادرات متنوعة لبناء ثقافة مجتمعية داعمة لمشاركة المرأة الموريتانية، بحيث لا يكون إشراك النساء مجرد تغيير في الأرقام، بل يعكس تحولاً مجتمعياً ووعياً مشتركاً في مسار تحقيق العدالة الإجتماعية ولنا مبادرات إيجابية لبعض الأحزاب خير مثال و دليل على ذلك.
ومن هنا فإن التمييز الإيجابي لفائدة النساء المقاطعيات هو التعبير الأمثل عن مبادئ العدالة والتجسيد الحقيقي لحقوق النساء كحقوق شاملة وغير قابلة للتجزئة.
إن التمكين السياسي للنساء المقاطعيات يتطلب فاعلين سياسيين يمتلكون الفهم الحقيقي للمسألة النسائية، والجرأة والقدرة على إحداث الفارق بين التعاطي التقليدي مع هذه المسألة وإدراجهن في مسار الحياة السياسية المقاطعية الوليدة.