*هموم الوطن و حقوق الإنسان..قراءة في مضامين خطاب واداند/ محمد ولد ابراهيم


" أود بالمناسبة تشديد التأكيد على أن الدولة ستظل حامية للوحدة الوطنية و الكرامة و حرية و مساواة جميع المواطنين بقوة القانون و أيا تكن التكلفة، كما أنها لن ترتب حقا أو واجبا على أي انتماء إلا الانتماء الوطني."
استوقفتني كثيرا هذه الفقرة من خطاب السيد رئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني في افتتاح مهرجان مدائن التراث المنعقد هذه السنة في مدينة وادان التاريخية.
هذه الفقرة يمكن اعتبارها بكل المقاييس جامعة مانعة لكل المفاهيم و الرؤى التي تناولت مسألة حقوق الانسان من كل الجوانب السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية..
و تؤكد بوضوح لا لبس فيه التزام الدولة بحماية الكرامة و الحرية و المساواة التي هي أهم المبادئ التي تأسست عليها فلسفة حقوق الانسان.. و قبل ذلك و بعده التزامها بحماية الوحدة الوطنية التي هي ضمان جو الاستقرار و التعايش الذي تنمو فيه و تترعرع ثقافة حقوق الانسان فتتحول من نظريات و قوانين إلى سلوك مدني يمارسه بكل قناعة و إيمان الفرد و المجتمع.
لقد بات واضحا للجميع أن اختيار السيد الرئيس لمناسبة انطلاق مهرجان مدائن التراث من وادان..لم يكن عبثا، بل كان رسالة قوية و في محلها لمن يهمهم الأمر
حين قال : لقد آن الأوان أن نطهر موروثنا الثقافي من رواسب ذلك الظلم الشنيع و أن نتخلص نهائيا من تلك الأحكام المسبقة و الصور النمطية التي تناقض الحقيقة و تصادم قواعد الشرع و القانون و تضعف اللحمة الاجتماعية و الوحدة الوطنية و تعيق تطور العقليات وفق ما تقتضيه مفاهيم الدولة و القانون و المواطنة".
لا توجد رسالة أكثر وضوحا و دقة من هذه في موضوع ظل شغل الموريتانيين الشاغل نخبة و عامة منذ الاستقلال و
حتى الآن.
ثم إن السيد الرئيس لم يترك رسالته مفتوحة للتنظير و التأويل بل كانت دعوته واضحة و محددة حين قال :
"وإنني من هذا المنبر لأدعو كافة المواطنين الى تجاوز رواسب هذا الظلم في موروثنا الثقافي وإلى تطهير الخطاب والمسلكيات من تلك الاحكام المسبقة والصور النمطية الزائفة.
بل إن السيد الرئيس ذهب في دعوته هذه إلى أبعد من ذلك حين قال:" كما ادعوهم جميعاً إلى الوقوف في وجه النفس القبلي المتصاعد هذه الايام والمنافي لمنطق الدولة الحديثة ولما يقتضيه الحرص على الوحدة الوطنية وكذلك لمصلحة الأفراد انفسهم ، فليس ثمة ما هو اقدر على حماية الفرد وصون كرامته وحقوقه من وحدة وطنية راسخة في كنف دولة قانون حديثة.
بل إن السيد الرئيس ذهب في دعوته هذه إلى أبعد من ذلك حين قال : "كما أدعوهم جميعا إلى الوقوف في وجه النفس القبلي المتصاعد هذه الأيام و المنافي لمنطق الدولة الحديثة و لما يقتضيه الحرص على الوحدة الوطنية و كءلك لمصلحة الأفراد أنفسهم".
و لن نختم هذه القراءة السريعة قبل أن نتوقف عند هذه الفقرة التي يمكن اعتبارها خلاصة القول و التي أكد فيها السيد الرئيس بأن "ليس ثمة ماهو أقدر على حماية الفرد و صون كرامته و حقوقه من وحدة وطنية راسخة في كنف دولة قانون حديثة".
هذا غيض من فيض مضامين خطاب رئيس الجمهورية في مدينة وادان التاريخية و الذي يمكن أن نعتبره بحق خطابا تاريخيا بكل المقاييس، ذلك أنه وضع الأصبع على موضع الجرح و مكمن الخلل و قدم وصفة العلاج و طريق الحل..
أرجو من جميع النخب و القوى الحية من أحزاب و مجتمع مدني أن تتفاعل بشكل إيجابي مع هذا الخطاب التاريخي و تعبر عن موقفها المؤيد لمضامينه التي هي في مجملها تأكيد على مطالبها في تحقيق الحرية و العدل و المساواة و العدالة الاجتماعية..التي لا يمكن بناء موريتانيا بدونها ما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا .